اخبار العراق الان

التعليم الافتراضي

التعليم الافتراضي
التعليم الافتراضي

2024-04-30 20:57:23 - المصدر: الاستاذ الدكتور محمود داود الربيعي


    التعليم عملية منظمة يتم من خلالها إكساب المتعلم الأسس البنائية العامة للمعرفة بطريقة مقصودة ومنظمة و محددة الأهداف، و بظهور المدنية و تطورها، أنشئت المدارس أو ما يعرف بالتعليم النظامي الذي يطلق عليه في مجتمعاتنا العربية لفظ "التربية و التعليم" و التي تتفق تماما مع أصول التركيب اللغوي للترجمة الإنجليزية بمعنى الإنماء و الرعاية. 

   فالتعليم النظامي: هو عملية التحكم في المعرفة و المحتوى العلمي المقدم للمتعلم؛ بالتقنين، والضبط، و التنظيم،  و ذلك لتوصيله إلى المتعلم بهدف إعداده سلوكياً، و  وجدانياً، و عقلياً وفق الفلسفة المتفق عليها، و التعليم الأساسي مرحلة التعليم العام التي يجب أن يتساوى فيها الجميع في اكتساب المعرفة مثل: المبادئ الأساسية للقراءة و الحساب و العلوم، من خلال أهداف و عادات الجماعة البشرية التي تشكل كيف يفكر الصغير ويشعر ويتعامل مع من حوله.

     ان التعليم هو العملية الرسمية التي تنقل إلى المجتمع عمدا المعرفة Knowledge المتراكمة والمهارات Skills والعادات Customs والقيم Values من جيل إلى آخر، على سبيل المثال: التعليم النظامي في المدارس.

   اما مفهوم التعليم الافتراضي ,فإن كلمة " افتراضي " هي ترجمة للمصطلح الاجنبي    " Virtual " وتعني ان المؤسسة التعليمية بما فيها من محتوى وصفوف ومكتبات وأساتذة وطلاب وتجمعات ...الخ جميعهم يشكلون قيمة حقيقية موجودة فعلاً لكن التواصل بينهم يكون من خلال شبكة الانترنت حيث يمكن ان يتألف الصف الافتراضي من طلاب موزعين ما بين العراق واستراليا ومصر والسعودية والاردن والهند وسوريا ، ويحضرون لأستاذ ما في العراق ويتفاعلون معه افتراضياً اما مباشرة او من خلال الخادم التقني الخاص بالمؤسسة ، متحررين من حاجزي المكان والزمان .

     وقد بدأ استخدام الحقيقة الافتراضية ( Virtual Realiy ) كثيراً فنرى الحديث عن المدن الافتراضية والطرق الافتراضية والرحلات الافتراضية والصف الافتراضي وما الى ذلك ، وهذه عبارة عن حقائق واقعية سوف يتميز بها نمط الحياة في القرن الحالي .

    ويأتي تأسيس الجامعات الافتراضية كمؤسسات اكاديمية تهدف الى تأمين ارفع مستويات التعليم الجامعي العالمي للطلاب من مكان اقامتهم بواسطة شبكة الانترنت وذلك عن طريق انشاء بيئة تعليمية الكترونية متكاملة تعتمد على شبكة فائقة التطور وتقدم مجموعة من الشهادات الجامعية من اعرق الجامعات العالمية المعترف بها دولياً كما تؤمن كل انواع الدعم والمساعدة للطلاب بإشراف تجمع افتراضي شبكي يضم خيرة الخبراء والاساتذة الجامعيين في العالم ومن هنا خرج مفهوم التعليم الافتراضي .

    فالتعليم الافتراضي هو طريقة لإيصال العلم وللتواصل والحصول على المعلومات والتدريب عن طريق شبكة الانترنت ، وهذا النوع الحديث من التعليم يقدم مجموعة من الادوات التعليمية المتطورة التي تستطيع ان تقدم قيمة مضافة على التعليم بالطرق التقليدية ونعني بذلك الصف التدريسي المعتاد والكتاب والاقراص المدمجة وحتى التدريب التقليدي عن طريق الكومبيوتر ، ويستطيع الطالب من خلال التعليم الافتراضي الحصول على قدرة اكبر في التحكم حيث انه مصمم على اساس المحتوى النوعي وآلية تقديم المادة على النحو الافضل بما يتناسب تماماً مع المحتوى وهذه العلاقة المطردة تجعل هذه التجربة دائمة التطور فكلما زادت التجربة تحسن الأداء وتحسنت النتائج كما يؤمن التعليم الافتراضي خيارات متنوعة من التعليم لطلابها ، مع مناهج مستقاة من ارفع الجامعات العالمية المعترف بها دولياً ، وهذا تدعمه مجموعة من التجمعات الافتراضية الخاصة من الاساتذة الجامعيين والعلماء الدارسين في العالم الذين سيضيفون العنصر الثقافي الخاص بمجتمعاتنا على المحتوى العلمي العالمي ، حيث تقدم الجامعات الافتراضية فرصة الحصول على اختصاصات جامعية معتمدة من خلال مصادر جامعية متعددة عبر العالم اينما كنت وفي أي وقت .

    ان  التعليم الافتراضي هو عبارة عن مجموعة العمليات المرتبطة بنقل وتوصيل مختلف انواع المعرفة والعلوم الى الدارسين في مختلف انحاء العالم باستخدام تقنية المعلومات (يشمل ذلك شبكات الانترنت والاقراص المدمجة وعقد المؤتمرات عن بعد ).

   ان التطور الهائل في شبكة الانترنت وتطبيقاتها خاصة فيما يتعلق بالتخاطب المباشر وامكانية انشاء مجموعات تحاور افتراضية وادخال تقنيات الوسائل المتعددة والتخاطب بالصوت والصورة عن بعد . ساهم في ظهور النمط الحديث من التعليم الذي يعرف بالتعليم الافتراضي حيث بدأت معظم الجامعات العريقة في اميركا واوروبا بتحويل مناهجها الى مناهج للتعليم الافتراضي ومما اعطى مصداقية لهذا النوع من التعليم العالي ان عدداً من الجامعات العريقة مثل جامعة روشستر للتكنولوجيا وجامعة جورجيا للتكنولوجيا قررت التحول الى التعليم الافتراضي بشكل كامل خلال السنوات العشر القادمة .

 

اما الجامعة الافتراضية فهي مؤسسة اكاديمية تهدف الى تأمين اعلى مستويات التعليم العالي للطلاب في اماكن اقامتهم بواسطة شبكة الانترنت ، وذلك من خلال انشاء بيئة تعليمية الكترونية متكاملة تعتمد على شبكة متطورة.

   والفرق بين الجامعة التقليدية والجامعة الافتراضية هو ان الجامعة الافتراضية لا تحتاج الى صفوف دراسية داخل جدران او الى تلقين مباشر من الاستاذ الى الطالب او تجمع الطلبة في قاعات إمتحانية او قدوم الطالب الى الجامعة للتسجيل وغيرها من الاجراءات وانما يتم تجميع الطلاب في صفوف افتراضية يتم التواصل فيما بينهم وبين الاساتذة عن طريق موقع خاص بهم على شبكة الانترنت وإجراء الاختبارات عن بعد من خلال تقويم الابحاث التي يقدمها المنتسبون للجامعة خلال مدة دراستهم .

 

مزايا التعليم الافتراضي:

1- رحلة الطالب سهلة ومضمونة :

     تقدم الجامعة الافتراضية خدمات القبول والتسجيل ووسائل الدفع المادي والدعم الاكاديمي من خلال مرشدين للطلاب يوجهونهم نحو الافضل كما توفر لهم سبل الانخراط في حلقات تفاعل وحوار لتجمعات اكاديمية واسعة دون تعقيدات القبول والتسجيل .

كما تتيح المكتبة الافتراضية فرصة استثنائية للطالب والباحث بتوفير الملايين من العناوين المختلفة على ان الترجمة الحقيقية للدور المأمول للجامعات الافتراضية يتضح في الميزات العديدة التي توفرها حيث تكتفي بميزات التعليم الافتراضي العامة التي تجعل الطالب قادراً على التعلم والعمل في وقت واحد ومن أي مكان وفي أي وقت بل وايضاً تؤمن طيفاً واسعاً من الاختصاصات العلمية غير الموجودة في الجامعات المحلية والاقليمية ، وتؤهل القوى العاملة بما يتناسب ومتطلبات اقتصاد المعرفة .

2-الجامعة الافتراضية تتبعك حيث ذهبت 

     وهي أحد اهم خصائص الجامعات الافتراضية ,اضافة الى التخطيط السليم ووقوفها الدائم عند تطور الطالب خلال رحلة الدراسة وحتى التخرج فإنها تتبعه حيث ذهب فجميعنا نعلم ان الظروف القاهرة قد تفرض على الانسان الانتقال من بلاده لأسباب متعددة, لكن هذا لايؤثر اطلاقا على الطالب في الجامعات الافتراضية حيث يستطيع متابعة تحصيله العلمي من أي مكان وفي أي زمان دونما انقطاع عن الدروس او الارشاد وبالتالي فلن يفقد بانتقاله أية ميزة او خدمة تقدمها الجامعات . ليست الجامعة الافتراضية بديلاً عن الجامعات التقليدية بل انها مكملة لها .

3-توفير ابرز الاختصاصات العلمية :

   ان عملية انتقاء التخصصات التي تطرحها الجامعات الافتراضية عملية ديناميكية مستمرة متعلقة مباشرة بحاجات سوق العمل عموماً وتشمل العديد من الاختصاصات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ادارة الاعمال علوم الكومبيوتر والذكاء الصناعي ادارة المرافق السياحية هندسة الجينات الزراعية تكنولوجيا التعليم و الادارة التعليمية وهذه الاختصاصات كلها وغيرها  مطروحة بمستويات عدة : دبلوم – بكالوريوس – ماجستير – دكتوراه واذا كانت المؤسسة التعليمية التقليدية تخصص مكاناً محسوساً للطالب ( مقعد – صف – مكتبة ) فإن مقعد الطالب في المؤسسة الافتراضية امام شاشة الكومبيوتر وصفه موجود على شبكة الانترنت ومكتبته ليست محدودة بعدد محدود في قاعة ، بل انه يستطيع الاطلاع على ملايين الكتب بأسرع وأسهل طرق البحث والمتابعة وفي الجامعة الافتراضية لايتبادل الطلاب الأفكار مع جهاز الكمبيوتر بل يحاورون مجموعة من الناس من كل انحاء العالم عبر الكمبيوتر حيث ان فرصة التفاعل هذه مع مجموعة عالمية من الاساتذة والطلاب من خلفيات ثقافية وانتماءات قومية مختلفة تهيء ولادة جيل جديد حديث ديناميكي وفعال والى رجال اعمال اكفاء وقادرين على ممارسة مهمتهم بنجاح في أي مكان في العالم .

 

دواعي التعليم الافتراضي :

  • ارتفاع مستوى الوعي بأهمية التعليم والزامية التعليم الى سن معنية في معظم دول العالم .  الحاجة المستمرة الى التعليم والتدريب في جميع المجالات .

  • ارتفاع تكلفة الانشاءات والمباني .

  • عدم المقدرة على تلبية الطلب على الخدمة وقبول من يرغب في الدراسة وازدحام الفصول الدراسية والنقص النسبي في عدد المعلمين .

 

عوامل انتشار التعليم الافتراضي

      من اهم العوامل التي تساهم في زيادة انتشار تقنيات التعليم الافتراضي حول العالم هي:

  1. الجدوى الاقتصادية من استخدام تقنية التعليم الافتراضي التي تساهم في تخفيض تكاليف التعليم والتدريب للموظفين او الدارسين المنتشرين حول العالم 

2- خفض شديد في جميع النفقات الاخرى غير المباشرة مثل طباعة الكتب وتكاليف السفر ومصاريف ونفقات الاقامة التي تترتب على السفر وما شابه.

3-القدرة على اتاحة التعليم لأكبر قدر ممكن من راغبي التعليم في أي مجال وفي أي بلد

4-انخفاض تكلفة التعليم يساهم في وفير التعليم بأسعار مخفضة للمستفيدين .

5-الحد من تأثيرات العوامل السكانية والديموغرافية والتوسعات العمرانية .

6-التخلص من الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تنجم عن التعليم التقليدي، مثل الفروقات بين الطلبة ( المظهر والملابس واقتناء السيارات ).

7-الحد من الاثار الناجمة عن الازدحام المروري صباح كل يوم مثل التلوث البيئي من جهة ، والحوادث القاتلة من جهة اخرى .

8-التخلص من عقبة الزمان وتحرير المستفيدين من الاختيار بين الدراسة والعمل كذلك بالنسبة للمعلمين اذ يمكن لكل منهم ان يمارس اعمالاً اخرى .

 

متطلبات التعليم الافتراضي :

1-بنية تحتية شاملة تتمثل في وسائل اتصال سريعة واجهزة ومعامل حديثة للحاسب الآلي .

2-تأهيل وتدريب المدرسين على استخدامات التقنية والتعرف على مستجدات العصر في مجال التعليم .

3-الاستثمار في بناء مناهج ومواد تعليمية الكترونية .

4-بناء انظمة وتشريعات تساهم في دعم العملية التعليمية بشكلها المعاصر .

5-بناء انظمة معلومات قادرة على ادارة عملية التعليم بشكلها الجديد وكما يأتي.

اولاً : زيادة ملحوظة في كفاءة عملية التعليم والتدريب تتمثل في : 

  • 50-60% افضل : في متابعة عملية التعليم والتدريب .

  • 25-60% أفضل : في نسبة التحصيل .

  • 60% سرعة اعلى : في التعلم 

ثانياً : الحصول على التعليم والتدريب في الوقت المناسب والمكان المناسب .

ثالثاً : اعادة التفكير في كافة الامور والعناصر وتحقيق نتائج في السلوك والادارة 

وطريقة التفكير وكما يأتي :

أ-الاستاذ يصبح مديراً للعملية التعليمية بدلاً من ملقناً للمادة التعليمية .

ب-يمنح الدارس الفرصة في اختيار ما يريد ان يدرسه في الوقت الذي يريده .

ج-عدد قليل من الاساتذة المتميزين لأكبر عدد ممكن من الدارسين.

د-تقوية الاعتماد على النفس والتقويم الذاتي ومراقبة الذات.

هـ بناء جيل جديد قادر على الاعتماد على نفسه في كل شيء.

 

رابعاً : توفير حلول جذرية للمشكلات التربوية مثل :

  1. تزايد اعداد الطلاب وعدم استيعابهم في قاعة المحاضرات .

  2. الفروقات الاجتماعية بين الافراد .

  3. النقص في عدد الاساتذة المؤهلين .

 

 

الاستاذ الدكتور محمود داود الربيعي – جامعة المستقبل – العراق – بابل