اخبار العراق الان

حيدر الشيخ يكتب: النظام الحالي الفاسد ليس نظاماً ديمقراطياً

حيدر الشيخ يكتب: النظام الحالي الفاسد ليس نظاماً ديمقراطياً
حيدر الشيخ يكتب: النظام الحالي الفاسد ليس نظاماً ديمقراطياً

2018-12-26 00:00:00 - المصدر: حيدر الشيخ


تتعدد الأنظمة حول العالم بأشكال وصور مختلفة فهناك أنظمة ديمقراطية حقيقية كتلك الموجودة في دول العالم الغربي والتي تمثل قيمة الرقي والتحضر التي وصلت اليه تلك البلدان سياسيا ،اجتماعيا ،اقتصاديا وثقافيا، إذ لم  يأتي هذا التقدم والازدهار من فراغ بل جاء كنتيجة من التخطيط والتنظيم والعمل الدؤوب والتنافس في الاداء الإيجابي في حكوماتها رغم المعانات والحروب والكوارث التي حلت في تلك الدول في فترات زمنية سابقة، كما يوجد هناك أيضا انظمة ديكتاتورية مطلقة السلطات تحكم بقبضات حديدية اشتهرت هذه الانظمة في الدول العربية، بعض دول اسيا،قسم كبير من دول افريقيا وعدد من دول امريكا اللاتينية والنتيجة أن تلك الدول تعتبر فاشلة تقريبا على مستوى الادارة والتخطيط وفي جميع الاصعدة فشعوبها فيها تعاني من التسلط والقمع والفقر والحرمان رغم الثروات والموارد الطبيعية الكبيرة التي تمتلكها، لأنها تحكم بإنظمة رجعية متخلفة، كما يوجد هناك أنظمة ملكية ، وملكية دستورية ، وملكية صورية وانظمة ديمقراطية شكلية حيث تتخذ من الطابع الديمقراطي شكلا وهي بعيدة كل البعد عن الديمقراطية ومضمونها وهذا ماموجود في العراق بشكل خاص.

أما يعاني منه الشعب العراقي اليوم ويعتبره اساس المشاكل والازمات التي يمر فيها هو طبيعة النظام العراقي الحالي المحسوب على الديمقراطية شكلاً فقط والذي تتخذ منه معظم الاحزاب السياسية اليوم غطاءا لتحقيق مصالحها الشخصية النفعية، كما يعتبر ايضا نظام مؤسس ومقنن للفساد في مفاصل الدولة لانه قائم على المحاصصة والتقسيم التي أدت بدورها الى تولي اشخاص بعيدين عن التخصص والخبرة نتج عنه إنهيار شبه تام في قطاعات ومفاصل الدولة الدولة العراقية فالفساد الذي مارسته الاحزاب الاسلامية التي تحكم العراق منذ سنوات اشبه بالفيروس الذي دخل جسمٍ سليم  وحوله الى جثة هامدة، إذ يمثل الفساد اليوم في المؤسسات العراقية كارثة لايمكن السيطرة عليها فجميع الاحزاب النافذة مارست عمليات فساد طيلة ال16عاما مما ادى ذلك الى شل مفاصل واسعة من اركان الدولة العراقية.

صحيح أن كل اربعة سنوات تجري انتخابات واسعة في العراق سواء كان على مستوى الحكومات المحلية، او البرلمانية التي تنتج عنها فيما بعد الحكومة المركزية وفق مبدأ هات وخذ اي وفق المبدأ الطائفي والقومي والعشائري.

هناك احزاب كبيرة سيطرت على المشهد السياسي العراقي بعد عام 2003 ولازالت الى اليوم نشطة في العمل السياسي كان معظم قادتها في عهد النظام السابق يعيشون خارج العراق لايملكون ثمن الساندويتشات التي يأكلونها بل حكى لي ذات مرة مسؤل رفيع اعرفه ان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المسؤول هو وحزبه دولة القانون عن ضياع مليارات الدولارات وسقوط بعض المدن العراقية على يد داعش، انه كان يحلم بإن يصبح مدير لدائرة متواضعة في الدولة العراقية الجديدة، لكن شائت الصدف ان يصح سياسي كبير من سياسيي الصدفة ويؤسس لفساد عميق في الدولة العراقية، اما الاحزاب الاخرى السيئة الصيت هي الاحزاب الاسلامية الشيعية والسنية كحزب الدعوة ، الفضيلة، تيار الحكمة، المجلس الاعلى،منظمة بدر والقوى السياسية السنية فما يعانيه معظم الشعب العراقي اليوم  من انعدام الخدمات الاساسية والضرورية هو نتاج العملية السياسية الجديدة التي افرزت مشاكل لاعد لها ولاحصر، فجميع القطاعات اليوم في العراق تعاني من فشل ذريع على كافة الاصعدة فالواقع الصحي اليوم في العراق شبه منهار ربما المواطن العراقي يدخل في بعض المستشفيات العامة سليم ويخرج منها عليل نتيجة نقص الكوادر الفنية ونقص الادوية وسوء التنظيم اضافة الى السرقات التي تحصل على حساب صحة المواطن العراقي.

أما فيما يخص الواقع الخدمي من مياه وكهرباء وبنى  تحتية هو واقع تعيس جدا فهل سيصدق عاقل ان الطبقة السياسية الحاكمة في العراق فشلت على مدار 16 عاما ان تدير ملف الكهرباء والماء والبنى التحتية رغم انفاق اكثر من الف مليار دولار خلال الخمسة عشر عام الماضية !! لا، لا احد سيصدق ذلك ابدا بل كانت نفسها متورطة في عمليات الفساد التي ادت الى ضياع تلك المبالغ وسرقتها في مشاريع عبثية لم ينتفع منها المواطن العراقي على الاطلاق بل زادت وعقدت من معاناتهِ.

اما الواقع الزراعي اليوم يشكل وصمة عار في جبين السياسيين الشيعة اولاً لانهم يشكلون الاغلبية في الحكومة العراقية والسياسيين السنة الذين دائما ينصب جل اهتمامهم على المشاركة في الفساد وتجاهل المحافظات الي يمثلونها، بعد ان كان العراق يمثل حاضرة قوية واقليمية للانتاج والتصدير في مجال الزراعة من تمور وقمح وأرز وفواكه وخضروات لاعد لها ولا حصر اصبح الواقع الزراعي اليوم شبه منهار ومهمل حتى اصبحنا نستورد كل شيء تقريبا من الخارج وتحول العراق بفضل الاحزاب الاسلامية الى دولة استهلاكية ميتة زراعيا، نتيجة الاهمال المتعمد من قبل الطبقة السياسة الفاسدة للزراعة وترك المنتج المحلي ينهار امام المنتج المستورد، رغم توفر جميع الامكانات الطبيعية من وجود نهرين ينبعان من شماله ويصبان في جنوبه الى ارض خصبة صالحة للزراعة.

أما فيما يخص الوضع الامني فالوضع مقلق ولا يبعث على الطمئنينة رغم الانتصار على الجماعات الارهابية داعش ،لكن بروز الميليشيات المسلحة كواقع مخيف فرض نفسه على المجتمع العراقي بقوة ينذر بموت القانون العراقي بشكل عام، اذ لايمكن على الاطلاق ان يستتب الامن ويُفرض القانون بوجود جماعات مسلحة تقتل وتغتال وتهدد كما تشاء، والانكى من ذلك ان تلك الميليشات المسلحة تتسلم قراراتها من ايران وتستخدم لتفيذ اجنداتها في المنطقة والواقع الميلشياوي اليوم يعتبر كارثيا على العراق ومستقبل الشعب العراقي فالفصائل المسلحة الخارجة عن القانون المتعددة التوجهات الايدولوجيات تكرس لعسكرة الشعب وتنشط عالم الاجرام فيه، وهو اخر ما توصلت اليه الاحزاب الاسلامية في العراق فكل حزب اسلامي اصبح يملك اليوم فصيل مسلح او ميليشيا تابعه له تنفذ اجندات داخلية وخارجية خطيرة  على حساب سلامة وأمن ومستقبل العراق.

فيما يخص الواقع التعليمي العراقي اصبح واقع مريض غير مجدٍ فمناهج التعليم للمدارس الابتدائية والثانوية يعاني منها اليوم الطلبة والكوادر التدريسة لصعوبتها، فمحتواها لايناسب الطلاب وليس ذا قيمة عملية فبدلا  من ادخال المناهج والاساليب الحديثة المستخدمة اليوم في الدول المتطورة والي تنمي النشاطات الذهنية لدى الطلاب وتشجع فطرتهم على الابداع الفردي تم الاعتماد على مناهج كلاسيكية قديمة تشكل عبئا ثقيلا وجوا طاردا يساعد على النفور منها لصعوبتها وعدم ملائمتها لمستوياتهم العمرية وقدراتهم العقلية فأخذ اولياء الامور يشتكون من تلك المشاكل حتى وصل الحال بالطلاب الاضراب عن المدراس وعدم الذهاب اليها، اذ أن جميع من تولوا الوزارت التعليمية في العراق خلال السنوات الماضية هم أُناس ليسوا ذا اختصاص وخبرة في مجال التعليم بل فرضتهم الارادات الحزبية على طريقة تقاسم الكعكة وبيع المناصب فتولى هذا القطاع من ليسوا اهل للقيادة وكانت النتيجة هي ما نعانيه اليوم من فشل ذريع في المجال العلمي والتعليمي في العراق.

العراق بحاجة ماسة اليوم الى قيادة شابة متخصصة ومستقلة، بعيدة عن تأثير الاحزاب الاسلامية ومتحررة  من قيود المحاصصة بكافة انواعها، لكي يقوم وينهض من جديد، فالعراق يمتلك الفرصة للقيام بذلك فبوجود الكوادر العراقية الوطنية المستقلة و المختصة وكذلك بتبني الافكار المدنية والعلمانية التي اثبتت نجاحاتها العظيمة في بناء وتطور المجتمعات والدول التي تتخذ من المنهج المدني والعلماني اساسا في ادارة الدولة، العادات والتقاليد والنظر من زاوية القبيلة والمذهب والدين هو نظرٌ قصير المدى ويخلق مشاكل ومعانات لاتنتهي ويجعل من الانسان الذي يفكر بهذه الطريقة انسان متعب تلاحقه المشاكل والمعاناة دون ان يعلم الاسباب التي ادت به الى هذه المعاناة لان طريقة تفكيره التي ادت الى انتخاب نفس الاحزاب الفاسدة بدوافع  والمذهب والدين والقبيلة جعلته مسؤلا ومساهما في الدمار والفساد الذي يحصل الان، فالناس اليوم وبكل امانة هم مسؤولون ايضا عن قسم كبير عن المعاناة الحاصلة، فالذي لم يفكر بوطنه وذاته وقيمته بل في طائفته ومذهبه وعشيرته ساهم في ايصال الاحزاب الفاسدة الى السلطة التي سرقت امول العراق وضحكت على الشعب العراقي.

ما نرجوه من شعبنا ان ينظر الى الواقع ويقارن نفسه بالدول المحيطة التي تعمل لمصالحها واسعاد شعوبها وأن يفكر بطريقة البناء والتطور ويسعى الى ذلك من خلال الاحتجاج ووضع حد لتلك الاحزاب الفاسدة السارقة الظالمة.

حيدر الشيخ/ كاتب عراقي