اخبار العراق الان

الشنقيطي: “داعش” ظاهرة استمدت همجيتها من الحكّام وهي نتيجة للثورة المضادة

الشنقيطي: “داعش” ظاهرة استمدت همجيتها من الحكّام وهي نتيجة للثورة المضادة
الشنقيطي: “داعش” ظاهرة استمدت همجيتها من الحكّام وهي نتيجة للثورة المضادة

2016-01-05 00:00:00 - المصدر: موسوعة العراق


إسطنبول/ محمد شيخ يوسف/ الأناضول

قال المفكر الموريتاني محمد مختار الشنقيطي، إن “داعش”، ظاهرة همجية جاءت رداً على همجية الحكام، ونتيجة للثورة المضادة، وطالما الثورة المضادة موجودة، سيستمر هذا التنظيم.

وفي حوار أجرته “الأناضول” مع الشنقيطي، في إسطنبول التركية، أوضح أن “الثورات المضادة تحول الثورات الشعبية إلى راديكالية كما حصل في الثورة الفرنسية، ويحدث اليوم في الربيع العربي أيضًا”.

وأشار أن “تنظيم داعش هم شباب كانوا منذ بضع سنوات وادعين لا علاقة لهم بالسياسة، كثير منهم لم يكن متدينًا في مراحل الدراسة، بالعراق وسوريا وفرنسا، ولكن الهمجية التي سلطت على الأمة وأهل السنة في العراق وسوريا، ومذبحة رابعة الفظيعة(في مصر) على مرأى ومسمع العالم، هزت ضمائرهم”.

ولفت الشنقيطي إلى أن “هؤلاء الشباب لا خبرة لهم بالسياسة، ولا عمق شرعي، ولكن اهتزت ضمائرهم، وانصدمت مما رأوه من همجية، ردوا عليها بهمجية، وفي النهاية هي إفراز اجتماعي طبيعي لمجتمع سلّط عليه مستوى قوي من الهمجية”.

وعن الحل مع “داعش”، رأى المفكر أنه يجب “وقف الثورة المضادة، والتخلص من الأنظمة التي تقتل شعوبها، مثل نظام بشار الأسد وليس هناك حل آخر، لأنها ديناميكية اجتماعية”.

وتابع القول “للأسف المنظور الأمريكي للمنطقة، والغربي بشكل عام، يرى بأنها منطقة فيها فائض من البشر والمال والتدين، ويجب استنزافه، وأحسن طريقة هو الاستنزاف الداخلي عبر مصهرة داخلية، دون أن يصل الحريق إلى الخارج”.

وأشار أن “داعش وفّر للدول الغربية، والنظام الدولي الذي لا يريد حرية للمسلمين، فرصة لصهر الأمة من داخلها واستنزافها، ولذلك لم يكونوا جادين بمحاربة التنظيم، و60 دولة تقاتل ميليشيا، هذا لم يحصل في التاريخ، هذا عبث وهم ليسوا جادين، وهذا أمر مقصود”، على حد تعبيره.

وفي نفس الإطار ذهب المفكر إلى “أنهم سيدفعون ضريبة ذلك(الدول الغربية)، لأن داعش لن يبقى مكانه، بل سيتحول لظاهرة عالمية، على طريقة تنظيم القاعدة، ولكنه أخطر، لأنه أكثر شراسة ولديه أتباع من جنسيات غربية، والسياسيون الغربيون الذين حرصوا على استعباد الشعوب تغاضوا عنه، دون إدراك أن الظاهرة ستتوسع وسيصل حريقها إليهم”.

وأكد أن “العاقل لا ينام مرتاحا والنار تشتعل في بيت جاره، وما فعله الأوروبيون هو ما يلامون عليه، فهم جزء من حوض البحر الأبيض المتوسط، الذي يعتبر عالما واحدا، فإذا ترك الأوروبيون النار تشتعل في الضفة الجنوبية، فمن المؤكد أنها ستصل للشمالية وهي مسألة وقت، فيما أمريكا بينها وبين المنطقة محيط، وروسيا بعيدة عن الحريق وترسل طائراتها فقط”.

وشدّد بالقول “كنت أتوقع بأن الأوروبيين بما لديهم من خبرة وبقربهم الجغرافي، أن يكون لهم سياسة واعية، بالتعاون مع تركيا منذ أول يوم في وقف الحريق في سوريا، وما فعله الأوروبيون في عدم التعاون مع تركيا لعمل منطقة آمنة في سوريا ووقف الحريق، دليل تعاملهم بسوء نية وغباء مع هذه الظاهرة التي ستنتقل إليهم، وهي مسألة وقت”، على حد تعبيره.

وحول تشابه الثورات المضادة خلال الثورة الفرنسية، ودول “الربيع العربي”، رغم اختلاف العصور، أفاد الشنقيطي أنه “في علم الانثروبولوجيا (علم الإنسان)، يتحدثون عن تعايش الأزمنة، بمعنى أن يكون المجتمع يعيش في أزمنة متعددة، نحن تقنياً نعيش في القرن 21، ولكن من ناحية التطور السياسي نعيش في القرن 18 في المجتمعات العربية، القرن الذي بدأ فيه تفكيك الاستبداد القديم وظهور الديمقراطيات، وهنا تصبح المقارنة وجيهة”.

واعتبر أن “هناك أوجه تشابه واختلاف مع مراعاة سياق الزمان والمكان، ولكن هناك قوانين اجتماعية وسنن لا تتغير، والربيع العربي للأسف بعد الثورة المضادة أدخل في نفق طويل، وأصبح يشبه تاريخ الثورة الفرنسية، ولذلك اعتبرت أن الثورة الفرنسية من أهم الحقب التاريخية التي تزودنا بشيء من العبرة والخبرة، ليس بالخبرة الكاملة، ولكن للنظر إلى التشابه والاختلاف، وللاعتبار من المطب الذي وقع فيه الفرنسيون والاتعاظ بهم، لعدم الوقوع به”.

وحول خصوصية وضع ثورات الربيع العربي، بيّن الشنقيطي أن “مصيبة العرب تكمن بنخب أنانية ترفض مشاركة السلطة مع غيرها، والنفوذ الدولي يريد التعامل مع حاكم واحد، وليس مع شعوب الحكومة المنتخبة”، على حد وصفه.

وفيما يتعلق بالتدخل الإيراني في المنطقة بعدد من الدول العربية، اعتبر أن “إيران لديها مشروع مذهبي يحاول أن يركب كل موجة، فإذا كانت الثورات لصالحه ركبها، وإن كانت الثورة المضادة فيها فائدة لحقتها”.

وشدد المفكر على أن “إيران اتّبعت سياسات مسيئة جدا لنفسها وللإسلام والجوار في المنطقة، فهي اعتبرت أنه أينما وجد الشيعة، فهم بمثابة المواطنين والامتداد الاستراتيجي لها، فامتداداتها بالعالم العربي كلها تحولت لحرائق، ولها أحلام امبراطورية، ولكنها بالنهاية ستدفع ثمنها، وستستنزفها، كما فقدت ثقة الأمة، وحتى من قضى حياته بالدعوة للحوار بين السنة والشيعة، بالنهاية هو مجرد عبث، لا بد من الوقوف في وجه إيران ومشاريعها”.

واستدرك أن “الخلاصة لا بديل عن التعايش، لكن لا تعايش دون صد الصائل الإيراني، وإرجاعه لحدوده وتحجيمه في العالم العربي، والغرب يستغل الغرور الإيراني والسعي للتوسع لمزيد من الاستنزاف كما يستغل داعش، ويفعلون لها كما فعلوا للاتحاد السوفييتي في أفغانستان، بأنها تتوسع، فيما هي تستنزف وتستنزف معها المنطقة”.

وأكد أن “إيران ترتكب جريمة مركّبة، تستنزف المنطقة العربية والشعب الإيراني وموارده بدلا عن التنمية، فإحدى الدراسات الأمريكية تقول أن إيران أنفقت 60 مليار دولار لدعم النظام في سوريا، لو كانت هذه الأموال للتنمية لكانت أفضل”.

والشنقيطي باحث وشاعر ومحلل سياسي موريتاني، مهتم بالفقه والتاريخ السياسي، والعلاقات بين العالم الإسلامي والغرب، ويعمل حاليا باحثا وأستاذا بكلية قطر للدراسات الإسلامية في الدوحة.